الصفحة الرئيسية › أخبار وطنية

أخبار وطنية الــقلـم الــحـر: كوكـب اﻷرض نعـرفه بالعلم، وما فـي اﻷديان حوله ﻻ صلة له بالمعرفة العلمية

بقلم الأستاذ عفيف البوني

 تأسست جامعات العلوم والمعارف الممنهجة طبيعية واجتماعية ومجردة  تباعا خلال القرون اﻻخيرة حين استقلت مؤسسات التعليم والبحث عن الكنيسة ومنعت رجال الدين من تدريس ما ﻻ يدخل في المعارف العلمية، وهكذا انفصلت جامعات العلم عن جامعات تلقين اﻷديان وأفكار الغيب، وهكذا حدث التطور المذهل  في الحريات والحقوق والديمقراطية وفي العلوم والتقنيات كما هو حال الحضارة اﻻنسانية الراهنة بما فيها من إنجازات كانت في عقول القدامى من المستحيلات، ومن كان قد فكر بغير ما هو سائد في اﻻديان حكم عليه باﻻعدام وأحرقت كتبه وما حصل لغاليلي في ايطاليا من قبل الكنيسة ليس ببعيد زمنيا حين اكتشف أن اﻷرض تدور حول نفسها وحول الشمس، وبذلك ألغى وللأبد نظرية بطليموس وما  جاء في اﻻديان حول عالم الشمس واﻻرض...
مصيبة التفكير الديني المحافظ هي عداؤه للعلم والفن، والفكر المعادي للعلم باسم الدين يرفض أن يسلم بهزيمته في عصر العلم حيث الدين شيء، والعلم شيء آخر، عالمان مختلفان كليا،لكنهما أي الدين والعلم، او اﻻسلام والديمقراطية، عند بعض قومنا يتداخل هذا مع ذاك ويتكامل هذا مع ذاك، وحين يكون هذا التفكير في عقل مواطن بسيط، أو مسلم مؤمن بدينه، فاﻷمر عادي وطبيعي، لكن الكارثة على المجتمع والدولة حين يقع خلط السياسة بالدين من فبل اﻻحزاب وحين يخلط اﻻستاذ في الجامعة بين العلم والدين ، وها هو أستاذ بكلية العلوم بصفاقس، يقبل أن يشرف على أطروحة تخرج عن موضوع ومنهجية العلم وتقاليد البحث الجامعي،مجرد قبوله تأطير هذا الموضوع يجعله غريبا عن حرمة الجامعة، وأنا أعتمد تصريحه الذي أظهر به عذرا أقبح من ذنب ومن نكد الدنيا، أن يبرر جمال الطوير، دون خجل، بأن طالبته، في بحثها،( أرادت إعادة النظر في نظرية دوران اﻷرض حول الشمس )و(أن باحثين في أمريكا شجعوها) وأضاف بعد احتجاجه على ( تسريب )اﻷطروحة )قبل أن تقيمها اللجنة المعنية، واعتبران عمل الطالبة يدخل في (حرية الفكر والحرية اﻷكاديمية ). مثل هذه اﻻفكار واﻻحكام ﻻ يمكن أن تصدر عن جامعي وتصدر عن متطفل على البحث العلمي، فمن تكون طالبته ومن يكون هو ومن يكون الباحثون اﻻمريكان الذين ، حتى يعيد كل هؤﻻء النظر في ما لم يعد نظرية، بل هي حقيقة علمية عن كروية اﻻرض ودورانها حول محورها ودورانها حول الشمس..هل نحسب راتبك المدفوع ونحسب المنحة المسندة للطالبة من المال العام ، أنه استثمار في العلم أم هدر للمال وتشجيع على الجهل؟
أنا ﻻ ألوم الطالبة لصغر سنها وﻷنها ضحية ماكينات مالية وحزبية تحارب العلوم والفنون وتنشر الجهل، وأعتبرك بحكم عمرك وبحكم أدلجتك السياسية والحزبية ، أنك ﻻ تقوم في الجامعة بعمل علمي بل بعمل إيديولوجي ، أنت و كل أمثالك خطر على جامعاتنا وطلبتنا ومستقبلنا.
كتبت هذا بعد ان قرأت بدقة تبرير جمال الطوير، أما لو أطلع على الملف كاملا....!